لقاؤنا اليوم سيكون مع كلمة الجدل حيث شنبين معناها باللغة العربية والمعنى الأصلي الذي جاءت منها ومرادفاتها والتراكيب اللغوية التي تأتي معها كلمة الجدل، وسنذكر آيتين من القرآن الكريم وردت فيهما كلمة الجدل، وسنذكر أسلوبا بلاغيا ونختم مع عدد من الأمثلة من الحياة اليومية وبفيدو مرتبط بهذا الدرس.
تعريف الجدل
مقابلة الحجة بالحجة أو هو مناقشة بين طرفين ليثبت كل شخص أن رأيه هو الصواب ورأي الآخر هو الخطأ
الأصل اللغوي لهذه الكلمة جاء من الصلابة والشدة والتداخل
ورد في مقاييس اللغة الجدل: هُوَ صَلَابَةٌ فِي الشَّيْءِ
فكأن صاحب الرأي صلب في رأيه لا يتنازل عنه ويدافع عنه بشدة وصلابة.
بعض التصريفات اللغوية لكلمة الجدل:
المجادلة، من الفعل جادل هي مصدر ويدل الوزن مفاعلة على المشاركة فالمجادلة هي مشاركة في الجدل
الجَدِل: جَدِلٌ: خَصِمٌ، شَدِيْدُ الجَدَلِ. ومِجْدَالٌ: مِخْصَامٌ
وعندنا مجادل من الفعل جادل وهو اسم فاعل
مرادفات كلمة الجدل:
الخصومة – النزاع – المناقشة –
تراكيب لغوية وردت فيها كلمة الجدل:
– جدل بيزنطي:
الحوار العقيم الذي لا نتيجة إيجابية أو لا فائدة منه.
كلمة جدل بيزنطي تعني الجدل العقيم الذي لا طائل تحته. وهي مأخوذة من اسم بيزنطة، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، التي كانت تشهد جدلًا لاهوتيًا حادًا بين أهلها في القرون الوسطى. وقد اشتهر هذا التعبير عندما كان السلطان محمد الفاتح يحاصر القسطنطينية (اسم آخر لبيزنطة)، وكان فلاسفة المدينة يتناقشون في أمور ثانوية لا قيمة لها، مثل جنس الملائكة وحجم إبليس.
– لا يقبل الجدَل: الموضوعات البديهية التي لا تحتاج إلى حجج تخالف بعضها نقول عنها لا تقبل الجدل
مثال: اتخذ الرئيس قرارا غير قابل للجدل
– قضية جدلية:
مسألة تثير خلافًا أو جدلاً عامًا.
أصبح سبب انتشار فيروس كوفيد قضية جدلية بين العلماء.
إن مسألة قبول اللاجئين أصبحت قضية جدلية بين الدول الكبرى فدول تقول نقبل عددا من اللاجئين ودول ترفض.
– فن الجدل:
فنّ المناقشة بطريقة الحوار فهي ليست نوعا من أنواع المشاجرة بل يقوم على تبادل الآراء والأفكار بطريقة حضارية لا يوجد فيها إساءة للطرف المقابل
مثال: لا يكفي أن تكون صادقا في رأيك، بل يجب أن تتقن فن الجدل لتحصل على التأييد.
آيات قرآنية وردت فيها كلمة الجدل:
{وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡء جَدَلا} جزء من الآية التي وردت في سورة الكهف التي يقول فيها الله سبحانه: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا }
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى قد بيّن في القرآن للناس من كل نوع من الأمثال والأحكام والوعظ والإرشاد، ليتذكروا ويتعظوا ويتبعوا الحق. ولكن الإنسان كان أكثر شيء جدلاً، أي خصومة ومخاصمة ومغالبة، لا يقبل الحجة ولا يستجيب للدليل، بل يتعنت ويتكبر ويتفاخر ويتباهى برأيه.
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ}
{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ( 57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)}
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى يخبر عن مشركي قريش أنهم لما ضرب لهم مثل ابن مريم عيسى عليه السلام، وأخبرهم أنه عبد من عباد الله ورسول من رسله، إذا هم يصدون عن ذلك ولا يقبلونه. وقالوا: أآلهتنا التي نعبدها خير أم هو؟ أي: أفضل من عيسى أو محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل إن هذا السؤال كان في قراءة ابن مسعود: “أآلهتنا خير أم هذا”، يعنون به محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا } يعني: ما قالوا لك هذا السؤال إلا لجدال وخصومة، يريدون به المغالبة والتعصب، لا طلب الحق والإستجابة للدليل. فإنهم عرفوا أن المقصود بحطب جهنم ما اتخذوا من الموات آلهة من دون الله.
أساليب لغوية:
ركب جديلته: أي عزيمة رأيه
عندا يتمسك الإنسان برأيه ويمضي فيه ويشبهه قولنا في اللغة العربية: “ركب رأسه”
جمل من الحياة اليومية
- لقد استمر الجدَل حول هذه المسألة سنواتٍ عديدة.
- احرص في حواراتك على أن تكون ممتعا بفن الجدل.
- ابتعد عن كل قضية جدلية لا فائدة منها حتى لا يصبح النقاش فيها جدالا بيزنطيًّا
فيديو:
لمزيد من القائدة ندعوكم إلى مشاهدة هذا الفيديو: