في زحمة التنافس على الدُّنيا وحُطامِها ربما تضيع البوصلة وينسى الإنسانُ نعمَهُ التي أُوتيها؛ لأنّ مَنِ ابتُليَ بالتعلّق بحطام الدنيا وحسب، سينسى كثيرًا من النِّعم التي يتمتع بها وسينشغلُ عن ذلك بالنظرِ إلى الحُطام الذي وسيصبح على نظره غِشاوةٌ تحجب عنه الخيرَ الذي هو فيه، وتجتمع هذه النعم في كلمة اسمها السَّتر: سترٌ بلا حاجةٍ إلى الناس، سترٌ بدون إراقة ماء الوجه تذلُّلًا لأحد، سترٌ بلا سرِقةٍ ولا أكلِ مالٍ حرام، سترٌ بصحةٍ وعافية، سترٌ بدون فضيحةٍ تحرِقُ القلب وتُسوِّد الحياة، سترٌ في المأكل والملبس والمسكن والمشرب.
فاحذر وأنت تنغمسُ في بحر الحياة أن يجرفك موجها ويبعدك عن مرسى الأمان وهو التفكُّر بنعمة السَّترِ أينما تحركّتَ وكيفما سِرْتَ ومهما عَمِلْتَ.
فبالتفكُّر والشكر على نعمة السَّترِ تسعد في كلِّ لحظاتِ حياتِكَ: نجاحِها وفشلِها لا يؤثران على نبض قلبك بالشكر؛ لأنّ النجاح الأكبر أنْ تعرفَ نعمة الستر التي تشمل كلَّ نبضةٍ ينبضها قلبك، وكلّ ما تراه عينك من أمورٍ حياتيّة، لذتها يكون بأن يسترك الله، وخلاصة الستر أن تشعر بمعية الله لك دائمًا وأبدًا، ومن شعر بمعية الله اطمأن قلبه، وصلُحَتْ حياته، وعرف نِعَمَ ربِّه ومدى سترِه له.
وفي المقابل لو زالت هذه النعمةُ، نعمةُ الستر فأيُّ شيءٍ سيعوّضُها، وأيّ جاهٍ سينزل منزلتها.
اللهمّ أدِمْ علينا نعمةَ الستر ولا تُحوِجْنا لأحدٍ سوى وجهك الكريم يا كريم.