كلنا يفخر بمجد حكم العرب والمسلمين في الأندلس (إسبانيا) حيث استطاع المسلمون أن يقيموا إمارة امتدت لقرون وتمتعن بكثر من السمات التي تأثرت بجمال تلك البيئة من طبيعة خلالة وأبينة مزركشة ورافق كل ذلك نهضة علمية روتها الكتب وذكرتها القصائد وما زال يتناول أخبارالأندس كثيرون من الأدباء واللغوييين والمرؤخين.
وسنبدأ بلمحة عن حكاية تأسيس الدولة الأموية في الأندلس:
لمحة عن وصول المسلمين إلى الأندلس:
استطاع المسلمون الوصول إلى بلاد الأندلس بعد خسارة الملك رودريك على يد طارق بن زياد أحد القادة البربر الذين عينهم القائد موسى بن نصير. وبعد عدة فتوحات أصبحت الأندلس ولاية تابعة لولاية إفريقية.
تأسيس دولة الأمويين في الأندس:
بعد وصول العباسيين للحكم وتشنيعهم بالأمويين قتلا وتشريدا استطاع عبد الرحمن بن معاوية دخول الأندلس عن طريق عدة مراسلات أجراها مع أمراء هناك، ولقب بعد دخوله الأندلس بعبد الرحمن الداخل.
واستطاع هذا الرجل تأسيس نواة الدولة الأموية في الاندلس بعد القضاء على كثير من الولاة في ذلك الزمن، وركز خلال حكمه على بناء دولة قوية على جميع الأصعدة العسكرية والعلمية والقضائية، وبعد وفاته استمرت الدولة ثابتة خلال حكم هشام الرضا وحفيده الحكم الربضي.
ثم بدات الدولة تشهد تصدعات داخلية في زمن محمد بن عبد الرحمن وولديه المنذر وعبد الله، تلا ذلك أو اجتمع معه هجمات من الخارج من قبل النورمان والممالك المسيحية في الشمال، ونتج عن هذه الاضطرابات أن بعض القبائل خرجت عن السيطرة المركزية للدولة الأموية في الأندلس وسارت وفق حكم شبه مستقل لا علاقة له بمركز الحكم. لكن هذه الكبوة تلتها عودة وبقوة في زمن عبد الرحمن بن محمد الذيتولى الحكم سنة 300 هـ حيث استعادت الدولة الأموية هيبتها بتوحيد البلاد التي كانت تحت سيطرتها في الأندلس.
وبعد عبد الرحمن بن محمد جاء الحكم المستنصر بالله الذي حافظ على قوة الدولة ونهض بها علميا وعمرانيا، وكلن توريثه الحكم لابنه الصغير هشام المؤيد بالله أدى لتحكم رجال الدولة به.
وظهر وقتها اسم رجل يدعي محمد بن أبي عامر صاحب الشرطة في ذلك الزمن الذي حجر على الطفل هشام وصار هو الحاكم الفعلي.
تلا هذا محاولات من أشخاص منتمين لبني أمية للعودة إلى الحكم، ولكن الصراع وقتها بدأ بين أبناء أسرة بني أمية أنفسهم
يروي صاحب كتاب لطائف الذخيرة وطرائف الجزيرة خبر السبب الرئيسي وراء زوال حكم الأمويين للأندس، مبينا أنه الصراع بين أفراد الأسرة، فيقول: “كان أعظم الأسباب في زوال دولة الأمويين من الأندلس، أنه لما توفي عبد الملك بن أبي عامر وقام بعده أخوه عبد الرحمن تلقب بالناصر لدين الله، ثم جرى على سنن أبيه وأخيه في الحجر على المؤيد هشام، لم يقنع بذلك حتى تاب له رأي في الاستبداد بالملك فطلب من هشام أن يعهد له فأجابه إلى ما سأل وكتب له عهداً، فكره الأمويون تحويل الأمر عنهم فاجتمعوا في غيبة عبد الرحمن في الغزو وخلعوا المؤيد وبايعوا هشاماً بن الناصر ولقبوه بالمهدي. فلما طار الخبر إلى عبد الرحمن بن أبي عامر انفض جمعه وتسلت البربر منه ولحقوا بقرطبة فبايعوا المهدي. وأغروه بعبد الرحمن الحاجب ونسبوه إلى الفجور. فأرسل له من اجتز رأسه عند قفوله من غزوته، وبه انقرضت الدولة العامرية”
ويتابع ابن بسام الحديث فيقول: “وكان الأمويون قد نسبوا تغلب ابن أبي عامر إلى البربر، فسخطتهم القلوب ونهبت العامة دورهم. ثم نمى إليهم أن المهدي يدبر الفتك بهم فأسروا النجوى وتشاوروا في تقديم هشام بن سليمان بن الناصر. ونمى حديثهم إلى المهدي فعاجلهم عن مرامهم، وأغرى بهم السواد الأعظم فأجلوهم عن المدينة. وقبضوا على هشام وأخيه أبي بكر فضربت أعناقهما بين يدي المهدي. فلحق سليمان بن أخيهما الحكم بجنود البربر ولجأ إلى علي والقاسم ابني حمود الإدريسي رئيس البربر، فاجتمعوا بظاهر قرطبة وبايعوا سليمان ولقبوه المستعين. ونهضوا به إلى طليطلة فاستجاشوا ابن ادفونش، فنهض معهم في جمع من النصرانية، وحاصروا قرطبة فبرز إليهم المهدي في كافة أهل البلد، وحاربهم، فكانت الدائرة على المهدي فانكسر جيشه وقتل منه ما يزيد على عشرين ألفاً”
هذا المشهد الاقتتالي بين أفراد الأسرة الأموية استمرت حتى زالت،
فقد بقيت الدولة الأموية في الأندلس حتى عام 422هـ/ 1031م؛ وفي هذه السنة سقطت الخلافة، وتفككت إلى عدد من الممالك، نتيجة الحرب الأهلية بين الأمراء الأمويين، الذين تنازعوا الخلافة فيما بينهم، مما أدى بعد سنوات من الاقتتال، إلى تفكك الخلافة إلى عدد من الممالك المستقلة.
وها هي هذه الحكاية التاريخية تحمل دلالة تؤكد أثر الخلاف في زوال الأمم، ولكن للأسف مازال كثيرون يعيشون هذها لحل ولا يستطيعون التخلص منها.