ما هي اللغة المختصة ومتى بدأ ظهورها؟

في عالم يتسارع فيه التخصص، لم يعد تعلم اللغة بمعناها العام كافيًا، بل أصبح هناك حاجة متزايدة إلى ما يُعرف بـ”اللغة لأغراض خاصة” أو “اللغة المختصة“، وهي أحد المفاهيم الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وتحديدًا في ستينياته، كرديف لما يُعرف بـ”اللغة العامة”.

ما المقصود باللغة لأغراض خاصة؟

اللغة لأغراض خاصة (Language for Specific Purposes – LSP) هي تلك اللغة التي تُصاغ وتُستخدم في سياق مجال معرفي أو مهني معين. فهي تختلف عن اللغة العامة التي تُستعمل في الحياة اليومية، لأنها تُركز على المفردات والمصطلحات والتراكيب الخاصة بحقل علمي أو عملي معين، مثل السياحة، الطب، القانون، السياسة، الأعمال، وغيرها.

أمثلة:

  • الإنجليزية الطبية
  • الفرنسية القانونية
  • التركية للأعمال
  • العربية للسياحة

جميع هذه اللغات المختصة تستهدف شريحة من المتعلمين الذين يحتاجون اللغة للتعامل في مجال محدد، لاستخدامها في بيئة مهنية أو أكاديمية تتطلب دقة وفهمًا عميقًا للمصطلحات الخاصة بذلك المجال.

يمكنكم الحصول على جميع كتبنا بالضغط على كلمة كتب

الجذور التاريخية للمصطلح

ظهر مصطلح “اللغة لأغراض خاصة” بدايةً في ميدان البرمجة الحاسوبية، حيث أُطلق على لغات البرمجة مصطلح “لغات لأغراض خاصة” لأنها لم تكن لغات طبيعية بل مصمّمة لأداء مهام محددة في عالم الحوسبة. وقد استُخدم هذا المصطلح لأول مرة في ورقة بحثية نُشرت عام 1965، حيث طُبّق على لغة برمجة تُعرف باسم (LISP) باعتبارها لغة مخصصة لمعالجة بيانات معينة ضمن بيئة تقنية محددة.

لاحقًا، انتقل المفهوم إلى ميدان اللسانيات التطبيقية (Applied Linguistics) وأصبح أحد أهم مجالات تعليم اللغات، خصوصًا في ظل الحاجة المتزايدة إلى تعليم اللغة لفئات مهنية لا تملك الوقت الكافي لتعلم اللغة العامة، بل تحتاج إلى أدوات لغوية محددة تمكّنها من الدخول سريعًا في مجال عملها.

لماذا نحتاج إلى اللغة لأغراض خاصة؟

في عصر العولمة، لا يكفي أن تتحدث لغة ما، بل يجب أن تتقنها في سياق مهني معين. فمثلًا، من يرغب بالعمل في السياحة يحتاج إلى تعلم مفردات الفنادق، الحجز، الاستقبال، الإرشاد… إلخ. ومن يريد العمل في ميدان الطب يحتاج إلى إتقان مصطلحات التشخيص، الفحوصات، الأجهزة، وغيرها.

وهكذا تساعد اللغة المختصة المتعلم على:

  • اكتساب مفردات وتراكيب متداولة في مجاله المهني.
  • فهم ثقافة المجال وتاريخه.
  • تجنّب الكلمات المحظورة أو الحساسيات الثقافية.
  • التواصل الفعّال والدقيق مع المختصين.

كيف يتم بناء مناهج اللغة لأغراض خاصة؟

تعتمد مناهج اللغة المختصة على ثلاث ركائز رئيسية:

  1. المفردات: تجميع قاموس بالمصطلحات الأكثر شيوعًا في المجال (مثل الطب أو القانون).
  2. التراكيب: تعليم كيفية تركيب الجمل والعبارات الخاصة بالمجال بشكل صحيح لغويًا.
  3. الثقافة: تزويد المتعلم بخلفية ثقافية ومعرفية عن المجال، مثل تاريخ السياحة في بلد معين، أو النظام السياسي فيه، أو البروتوكولات الدبلوماسية المتبعة.

متى يمكن البدء بتعلم اللغة لأغراض خاصة؟

لا يُنصح بالبدء في تعلم اللغة المختصة من المستوى المبتدئ، لأن هذا النوع من اللغة يتطلب معرفة مسبقة بأساسيات اللغة العامة. لذلك يُفضَّل أن يبدأ المتعلم بدراسة اللغة لأغراض خاصة من المستوى المتوسط فما فوق، عندما يمتلك قدرًا من التمكن اللغوي يسمح له بفهم واستيعاب المصطلحات والتراكيب الجديدة.

المجالات المتاحة لتعلم اللغة المختصة

جميع الحقول العلمية والمهنية يمكن أن تكون ميدانًا للغة لأغراض خاصة، ومن أبرزها:

  • اللغة العربية للأعمال التجارية
  • اللغة العربية الطبية
  • اللغة العربية القانونية
  • اللغة العربية للسياحة والسفر
  • اللغة العربية السياسية والدبلوماسية
  • اللغة العربية لعلوم الدين

لكل مجال لغته ومفرداته وتراكيبه، وبالتالي فإن تخصيص تعلم اللغة في هذه المجالات يُسهم في رفع الكفاءة التواصلية والاحترافية لدى المتعلم.

خلاصة

اللغة المختصة ليست مجرد فرع من فروع تعليم اللغات، بل هي أداة استراتيجية لتسريع عملية التعلم، وتوجيهها بما يخدم أهداف المتعلم المهنية أو الأكاديمية. وهي تُمثل نقلة نوعية في ميدان تعليم اللغات، لا سيما لأولئك الذين يسعون إلى استخدام اللغة كوسيلة للنجاح والتفوق في حياتهم العملية.


للمزيد من الدروس والمقالات المتخصصة في تعليم اللغة العربية وغيرها من اللغات لأغراض خاصة، تابعوا قناة الدكتور محمد خالد الفجر على يوتيوب. بالغط على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/@drmkhalfajr

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك (الكوكيز). بمواصلة تصفحك للموقع سنفترض أنك موافق سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع. موافق قراءة المزيد